-
الالتزام الأخلاقي للشركات يعود عليها بالفائدة والسمعة الطيبة
-
الاهتمام بالرعاية الصحية للعاملين حتى يكونوا في صحة جيدة
-
تفعيل دور المرأة اجتماعيا ودعم الأنشطة البيئية ومكافحة الفقر
ثمّن رئيس مجلس إدارة الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية البروفيسور يوسف عبدالغفار دور صحيفة “البلاد” في مجال تعزيز المسؤولية الاجتماعية، وتحفيز الشركات من خلال جائزتها، لتقديم مبادرات نوعية في مجال المسؤولية الاجتماعية.
وأردف عبدالغفار أثناء حديثه الموسّع مع “البلاد”: أن تأثير الجائزة انعكس على كثير من الشركات حيث ارتقت بمبادراتها في العملين الخيري، والرعوي، إلى مبادرات تنموية، تعمل على تطوير الأفكار، ودعم المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر، للشباب، والشابات، ومساعدتهم على حل، ولو بشكل جزئي، لمشكلة البطالة.
وفيما يلي نص اللقاء:
ما مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات بأبعادها المختلفة؟ وكيف تم تطويره في السنوات الأخيرة؟
لا شك أن الالتزام الأخلاقي للشركات، والدور الاجتماعي الإيجابي الذي تلعبه هو استثمار يعود بالفائدة والسمعة الطيبة للشركة، خصوصا حين يكون الاستثمار في العاملين فيها، والمستفيدين منها، حيث تقوي العلاقة معهم.
ولو رجعنا لتعريف البنك الدولي للمسؤولية الاجتماعية للشركات، يبين التعريف أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة، من خلال العمل مع موظفيهم، وعائلاتهم، والمجتمع المحلي ككل، لتحسين مستوى معيشة الناس، بأسلوب يخدم التجارة، ويخدم التنمية، في آن واحد.
وهنالك تعريف للغرفة التجارية العالمية للمسؤولية الاجتماعية، بأنها “جميع المحاولات التي تساهم في تطوع الشركات لتحقيق تنمية ذات اعتبارات أخلاقية، واجتماعية، وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية تعتمد على المبادرات الحسنة من الشركات، دون وجود إجراءات ملزمة قانونًا، ولذلك فإن المسؤولية الاجتماعية تتحقق من خلال الإقناع، والتعليم”.
ولقد تطورت هذه المفاهيم وغيرها في المنطقة، بين الشركات، من العمل الخيري إلى مفهوم استراتيجي يشمل بيئة الموظفين، والبيئة المحيطة، وحوكمة الشركات مع المجتمع، وهو أمر يحسن بشكل فعال الميزة التنافسية للشركة.
وأصبحت المجتمعات لا تتساءل فقط عما تفعله الشركات بأرباحها، ولكن أيضًا عن كيفية تحقيق هذه الأرباح، خصوصا أن المسؤولية الاجتماعية لها أبعاد ثلاثية، وهي البعد الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي.
ما مجالات المسؤولية الاجتماعية للشركات؟
لها مجالات عدة فيما تقدمه الشركة للمجتمع والبيئة المحيطة، من دعم وعطاء، ويمكن تقسيم هذه المجالات، في الاهتمام بملاك الشركة، أي المساهمين، عبر الحفاظ على أموالهم وحقوقهم، وتحقيق الربح المجزي لهم.
ثانيًا، دعم العاملين في الشركة، والإسهام في تطويرهم، كتوفير البرامج التدريبية اللازمة لزيادة مهاراتهم، وبناء قدراتهم الفنية، ووضع خطة استراتيجية لتطوير الموظفين المطلوبين، لتنمية قدراتهم الإدارية، لوصولهم إلى مستوى الإدارة الوسطى، ومن ثم الإدارة العليا، وتوفير المطلوب لهم، للوصول إلى المستويات المطلوبة.
هذا بجانب الاهتمام بالرعاية الصحية للعاملين، حتى يكونوا في صحة جيدة؛ ليتمكنوا من القيام بواجباتهم، والاهتمام بمعيشتهم بصورة عامة، من تأمين اجتماعي، وتأمين سكن مناسب لهم، ووضع نظام للحوافز والمكافآت.
والاهتمام بالعملاء في الداخل والخارج، والاهتمام بتحسين جودة المنتج بصورة مستمرة، حتى تزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق، وتوفير خدمة ما بعد البيع، والالتزام بالضمان، والاهتمام بشكاوى الموظفين، والمحافظة على السعر التنافسي للمنتج في الأسواق.
وأيضًا المساهمات العامة تجاه المجتمع، وإيجاد بصمة الشركة في ذلك، لتوفير الاستقرار الاجتماعي للمجتمع، بالمساهمة في مجالات الصحة، كإنشاء المراكز الصحية، وفي مجال التعليم، بإنشاء المعاهد التعليمية، لتدريب الشباب لرفع مهاراتهم، وتجهيزهم لسوق العمل، والحرص على توفير وظائف للشباب، للمساهمة بحل مشكلة البطالة، ولو جزئيًا.
وتفعيل دور المرأة في المجتمع، وتمكينها من وظائف متنوعة، وللمساهمة في الوعي المجتمعي بالمجالات المهمة المختلفة، ومن أهمها تطبيقات أهداف التنمية المستدامة، التي أقرتها الأمم المتحدة حديثا (العام 2015)، ودعم الأنشطة البيئية في المجتمع، والمساهمة في مكافحة الفقر، بدعم المشروعات الصغيرة، ومتناهية الصغر للشباب، وللأسر الفقيرة.
ما معوقات المسؤولية الاجتماعية للشركات؟
على الرغم من الشركات يجب أن يكون لها دور كبير في تنمية المجتمعات، إلا أن المعوقات التي تواجهها عديدة، من أهمها أن الكثير من الشركات تضع في خطتها السنوية بعض المبالغ المالية، تقدم كمساعدات للجهة المحتاجة، أي عمل خيري فقط، ولا توجد خطة استراتيجية تنموية واضحة، للعمل الاجتماعي لدعم مشروعات تنموية، تعود بالنفع على المجتمع ككل.
وأيضًا عدم وجود برامج توعوية للشركات، لإيضاح أهمية تقديم الخدمات الاجتماعية للمجتمع على شكل مشروعات، تضيف إيجابًا لتنمية المجتمع، وتطويره، وحتى الجامعات والتي عليها تقديم هذه البرامج، فإنها لا تفعل ذلك مع الأسف.
وأيضًا التنسيق بين الشركات والمؤسسات غير الربحية، والتي تقدم عادة مشروعات في المسؤولية الاجتماعية، فلابد للشركات من تقوية هذه العلاقة، حتى يتكامل العمل الاجتماعي، بالشراكة بين الشركات الربحية، والمؤسسات غير الربحية.
ومن المعوقات أيضًا أنه لا توجد حوافز لتشجيع الشركات المساهمة في تقديم برامج في المسؤولية الاجتماعية، وهذا هو دور الجهات المسؤولة في الدولة.
ما العلاقة التي تربط أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والمسؤولية الاجتماعية؟
أقرت الأمم المتحدة العام 2000 الأهداف الألفية الثمانية حتى تنفذ حتى العام 2018، وقد صممت للدول الفقيرة والنامية، ورسمت في الغرف المغلقة، من قبل الخبراء، والمستشارين، ولكي تخدم الدول الفقيرة والنامية فقط.
وتم تنفيذها جزئيًا من قبل هذه الدول؛ بسبب ضعف إمكاناتها، في حين أن الدول الغنية والمتقدمة ليس لها علاقة بهذه الأهداف.
وتتمحور الأهداف الثمانية هذه بالقضاء على الفقر المدقع والجوع، تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين، تخفيف معدل الوفيات بين الأطفال، تحسين الصحة النفسية، مكافحة فيروس المناعة البشرية، كفالة الاستدامة البيئية، وأخيرًا إقامة شراكة عالمية.
وبعد ذلك، ظهرت أهداف التنمية المستدامة، وتسمى أيضًا الأهداف العالمية السبعة عشر، التي أقرتها الأمم المتحدة العام 2015، وتنفذ حتى العام 2030، وشارك في وضعها الجميع وبكل المستويات.
وشملت هذه الأهداف الدول الفقيرة، والنامية، والغنية، والمتقدمة، وبحيث إن هذه الأهداف تشمل كل نواحي ومجالات التنمية المجتمعية، ومنها القضاء على الفقر بجميع أشكاله بكل مكان، القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي، ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع، وبكافة الأعمار، وضمان تعليم جيد، شامل، ومنصف، وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع.
ما دور الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية والمركز العالمي للتنمية المستدامة، في تعزيز هذا المفهوم بالعالم العربي؟
الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية من أوائل المؤسسات العربية المتخصصة في هذا المجال، حيث كان تأسيسها في العام 2007، وأطلقت أول برنامج عربي لسفراء المسؤولية الاجتماعية بمعايير دولية، وتدعم الترويج لممارسات الأمم المتحدة للاتفاق العالمي، وتناصر مبادئه العشرة والمعنية بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، والحماية البيئية، ومكافحة الفساد.
ورعت الشبكة إطلاق يوم عالمي للمسؤولية الاجتماعية، ليكون 25 سبتمبر من كل عام، وليتوافق مع تبني دول العالم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولقد بدأ العالم بالاحتفال بهذا اليوم ابتداء من العام 2016، وكانت السابقة الأولى في العالم.
وتبنت الشبكة إطلاق برنامج دولي لمفوضين أمميين، للترويج لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، وأطلقت منذ العام 2015 أول برنامج بمعايير دولية للمدن العربية المسؤولة مجتمعيًا.
وأطلقت أيضًا أول مدينة رقمية لكبار السن في الدول العربية، والتي تعد اليوم واحدة من أهم المرجعيات البحثية، والمعلوماتية في مجالات كبار السن في المنطقة العربية، إضافة إلى العديد من المبادرات المهمة الأخرى.
وينتسب لعضويتها نخبة من كبار الشخصيات من وزراء، ورؤساء مؤسسات حكومية، ومجتمعية، ومتخصصين، إضافة إلى كبرى المؤسسات العربية والدولية، وتحظى الشبكة بشركات العديد من منظمات وبرامج الأمم المتحدة.
ما الأثر من وجهة نظرك، الذي ستحققه جائزة درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية للشركات نحو تحفيز الشركات المحلية لتقديم مزيد من المبادرات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية نحو المجتمع؟
تعتبر صحيفة “البلاد” رائدة في مجال تعزيز المسؤولية الاجتماعية، وتحفيز الشركات من خلال جائزتها، لتقديم مبادرات نوعية في مجال المسؤولية الاجتماعية.
فكثير من الشركات ارتقت بمبادراتها في العملين الخيري، والرعوي، إلى مبادرات تنموية، تعمل على تطوير الأفكار، ودعم المشروعات الصغيرة، والمتناهية الصغر، للشباب، والشابات، ومساعدتهم على حل، ولو بشكل جزئي، لمشكلة البطالة، بل وعبر الدعم السخي لهذه الشركات، انتقلت مشروعات الشباب من ريادة الأعمال التجارية، إلى الريادة الاجتماعية، بحل مشكلات المجتمع بطرق إبداعية ومبتكرة.
بل تميزوا بتطوير كثير من الخدمات الاجتماعية المتوافرة حاليًا، باستخدام التقنيات المتطور، إضافة لحل المشكلات، فلا شك بأن هذه المنافسة بين الشركات، بهدف تقديم الأفضل في مجال المسؤولية الاجتماعية، سوف تضيف كثيرًا لتنمية المجتمع البحريني، ولتطويره.
ما دور القطاعين العامين والخاص نحو تعزيز خططهم الابتكارية لتعظيم المسؤولية الاجتماعية، وتحويلها لثقافة مؤسساتية فردية، وعامة، بشكل قائم ومستمر؟
الاهتمام كبير من قبل القطاع غير الربحي في تقديم البرامج والمبادرات الكثيرة في هذا المجال، ولكن كثيرًا من هذه المؤسسات، والجمعيات أعمالها متكررة للأسف، وتقدم بنفس الطريقة منذ فترة الطويلة.
ولكن وبالسنوات الأخيرة، وبتحفيز من القطاع العام، ودعم من القطاع الخاص، تم تطوير هذه الأفكار، وتقديم مبادرات نوعية، واهتمامات تنموية في مجالات مهمة، وضرورية، مثل التعليم، والصحة، وعمل المشروعات الخاصة.
وتمكين المرأة وصقلها بالمهارات المختلفة، لإدراجها في سوق العمل، ولا شك أن الكثير من الطلبة الذين كانوا يبحثون عن الدعم لدراستهم في البكالوريوس، أو الماجستير، أو الدكتوراه، حصلوا على مرادهم من هذه المؤسسات، التي تميزت في الفترة الأخيرة ببرامجها ومبادراتها النوعية.