
منحت اللجنة العليا لدرع “البلاد” للمسؤولية الاجتماعية للشركات ميدالية التميز لشخصية العام لهذه الدورة من الجائزة إلى رجل الأعمال الراحل فاروق المؤيد، تقديرًا لإسهاماته البارزة في مجال المسؤولية الاجتماعية، في تطوير العديد من المشروعات الاجتماعية التي دعمت التعليم، والصحة، والبيئة، ودعمه للمؤسسات غير الربحية وتحفيزه على العمل التطوعي، إضافة إلى ترسيخه لقيم العطاء والتعاون في المجتمع البحريني.
لم يكن المؤيد مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان رمزا للإنسانية والتفاني في خدمة الآخرين، ما جعله محط احترام وتقدير من الجميع.
ويُعد تكريم المؤيد بمثابة اعتراف من قبل المجتمع البحريني بإسهاماته القيمة التي تركت أثرا كبيرا في تعزيز المسؤولية الاجتماعية.
العائلة والبيت العود
وُلد فاروق يوسف المؤيد في 26 مايو 1944 بالبحرين، في كنف عائلة تجارية عريقة أسسها والده يوسف خليل المؤيد، صاحب متجر بارز في شارع باب البحرين.
نشأ فاروق في «البيت العود» بالمنامة وسط عائلته الممتدة، وهو محاط بقيم أصيلة في التجارة والعلاقات الاجتماعية.
ومنذ طفولته، كان يرافق والده إلى المتجر يوميا بعد المدرسة، ليكتسب مبكرا مهارات التعامل مع الزبائن وفهم طبيعة السوق، وهو ما شكّل قاعدة شخصيته التجارية لاحقا.
التعليم والتكوين
بدأ فاروق تعليمه الأساسي في مدارس البحرين، حيث تميز بالانضباط وحب التعلم. وفي منتصف الستينات، سافر إلى المملكة المتحدة والتحق بكلية لوبورو (Loughborough College)، ليدرس الهندسة الميكانيكية، وتخرج بالعام 1966.
وعلى الرغم من أن تخصصه لم يكن تجاريا بحتا، إلا أن الدراسة طورت لديه التفكير التحليلي والقدرة على حل المشكلات، ومنحته أفقا عالميا أوسع بشأن الأسواق الدولية.
العودة إلى الوطن وبدايات العمل
بعد عودته إلى البحرين بالعام 1966، لم يلتحق فاروق بإدارة الشركة العائلية مباشرة من موقع قيادي كما كان متوقعا لابن عائلة تجارية، بل طلب أن يبدأ من الميدان بصفة موظف مبيعات في متجر العائلة.
هذا القرار العفوي والمتواضع جعله يكتسب خبرة عملية حقيقية في التعامل مع العملاء وفهم احتياجات السوق، كما أكسبه احترام العاملين معه.
كانت تلك المرحلة حجر الأساس لبناء رؤيته الاستراتيجية، التي مكنته لاحقا من قيادة المجموعة نحو التوسع.
المسيرة المهنية وتطوير الأعمال
من خلال الانضباط والتجربة العملية، رسخ فاروق المؤيد قيما متوازنة بين التواضع والروح الريادية.
ثم انطلق من عمله الميداني ليقود توسع مجموعة «يوسف خليل المؤيد وأولاده» في قطاعات متنوعة، لتصبح إحدى أبرز المجموعات الاقتصادية في البحرين والمنطقة.
وقد حرص فاروق المؤيد دائما على تطوير الأعمال بما يتماشى مع التغيرات الاقتصادية، مع المحافظة على سمعة العائلة في الثقة والالتزام.
الحياة الأسرية والإرث
تزوج فاروق من عائلة القصيبي السعودية، ذات المكانة المرموقة في قطاع الأعمال الخليجي، وأنجب أبناء شاركوا في استمرارية مسيرة العائلة.
ابنته «هلا» أثبتت كفاءتها في قطاع المقاولات، فيما تولى ابنه محمد إدارة قسم التكنولوجيا. كان فاروق حريصا على إشراك أبنائه في الأعمال مع منحهم حرية الابتكار. وبفضل هذا النهج العائلي المتوازن، ترك إرثا مستداما جمع بين العمل التجاري والعطاء المجتمعي، وأسهم بفاعلية في دعم الاقتصاد البحريني ومبادرات التنمية.
رؤية فاروق:
امتازت رؤية فاروق المؤيد بشأن دور الشركات في المسؤولية الاجتماعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بكونها متقدمة وواقعية، وتجسد نموذجا رائدا في كيفية ربط النجاح الاقتصادي بالالتزام الاجتماعي والبيئي، فقد كان المؤيد يؤمن بأن الشركات الناجحة ليست تلك التي تحقق أرباحا فقط، بل التي تسهم بفعالية في تحسين حياة الناس، وبناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
آمن المؤيد بأن الشركات ليست كيانات معزولة عن المجتمع، بل إنها مؤسسات مسؤولة عن المساهمة في تحقيق التنمية الشاملة. وانطلاقا من مبادئه، كان يعتقد أن القطاع الخاص يجب أن يكون شريكا رئيسا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة (SDGs) التي حددتها الأمم المتحدة، لاسيما في الدول النامية أو ذات الاقتصادات الناشئة كدول الخليج.
إسهامات المؤيد في التنمية والمسؤولية المجتمعية
التعليم
يعد فاروق المؤيد من أوائل رجال الأعمال الذين دعموا قطاع التعليم، كونه الوسيلة لبناء مستقبل أفضل للوطن وأبنائه، ومن بين مبادراته بهذا المجال:
- منحة يوسف وعائشة المؤيد الجامعية: وهي منحة تمنح سنويا للطلاب البحرينيين المتفوقين؛ بهدف دعمهم في مواصلة تعليمهم العالي وتحقيق طموحاتهم الأكاديمية.
- دعم برنامج ولي العهد للمنح الدراسية العالمية: حيث حرص الراحل على تقديم الدعم لهذا البرنامج بصفته راعيا في الفئة الفضية، ما يعكس حرصه على دعم الطاقات الشبابية وتوفير الفرص التعليمية العالمية لهم.
- إبرام مذكرة تفاهم مع جامعة بوليتكنك البحرين لتمكين الكوادر الشبابية الفنية: وتهدف هذه المذكرة إلى تعزيز التعاون المشترك بين شركة يوسف خليل المؤيد وأولاده مع «بوليتكنك البحرين»؛ من أجل خلق بيئة تعليمية متطورة تسهم في تمكين الكوادر الشبابية عبر تطوير مهاراتهم والتفوق في مسيرتهم الأكاديمية والمهنية.
- قدم العديد من المبادرات الخاصة بدعم الشباب والتعليم، كرعاية مسابقة رواد الأعمال الشباب بالتعاون مع إنجاز البحرين، وإطلاق برنامج التدريب الصيفي «Evolve” لطلاب المدارس، بالإضافة إلى دعم 8 طلاب من بوليتكنك البحرين في مشروع “نظام الاستزراع المائي الملكي».
- تأسيس مدرسة ابن خلدون الوطنية وتطويرها المستمر: كان فاروق المؤيد من الآباء المؤسسين لمدرسة ابن خلدون الوطنية، حيث ساهم في وضع حجر الأساس لها قبل افتتاحها في العام 1983. وشغل منصب رئيس مجلس الأمناء من العام 1996 حتى 2013، ثم عاد لتولي هذا المنصب مجددا منذ العام 2018 حتى وفاته في 25 نوفمبر 2024. وطوال هذه الفترة، قدم دعما معنويا وماديا واستشاريا لتطوير برامج المدرسة ومرافقها، مؤمنا بأهمية التعليم في تنمية قدرات أبناء البحرين وبناء مستقبلهم.
العمل اللائق والنمو الاقتصادي
آمن المؤيد بأن توفير فرص عمل عادلة ومحترمة من أهم أدوار الشركات في التنمية، حيث ساهم بشكل متميز في مجال التدريب الوظيفي، عبر برنامج «فرص” الذي يهدف إلى تزويد الباحثين عن عمل بخبرة عملية في الشركات، ما يسهم في تعزيز جهود البحرنة وتنمية المواهب.
ركز على بناء بيئة عمل مسؤولة داخل مؤسساته، تقوم على العدالة، التمكين، وتكافؤ الفرص.
قدم الدعم بشكل مباشر المشروعات الصغيرة والمتوسطة كمحرك للنمو الاقتصادي في البحرين، حيث أنشأ الراحل مركزا لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ بهدف مساعدة الشباب البحريني على تأسيس مشروعاتهم الخاصة، ويوفر هذا المركز مساحات مكتبية وتجهيزات أساسية بأسعار رمزية، ما يشجع على ريادة الأعمال في المملكة.
الصحة والرفاه
- ساهم الراحل فاروق المؤيد في دعم برامج صحية خيرية ومؤسسات طبية تخدم الفئات المستهدفة، من بينها بناء وتجهيز مركز الشيخ خليفة بن سلمان الصحي في عسكر، حينما كان فاروق يشغل منصب رئيس مجلس إدارة بنك البحرين الوطني، بتكلفة تقارب 6 ملايين دينار بتمويل من البنك.
- مول حملات توعية صحية داخل بيئة العمل وخارجها (مثل التوعية بسرطان الثدي، السكري، وأمراض القلب).
- أنشأ مؤسسة يوسف وعائشة المؤيد للأعمال الخيرية في العام 2013، التي تهدف إلى التزام رؤية العائلة في حماية ومساعدة المحتاجين، وتركز أيضا على دعم الرفاه البيئي والاجتماعي والاقتصادي في البحرين، وبناء مستقبل قائم على الاحترام والكرامة والأمان للأجيال القادمة.
- ساهم في إنشاء مركز إعادة التأهيل والتبرع لوحدة غسيل الكلى في مستشفى السلمانية، ما يعكس حرصه والتزامه بتعزيز الخدمات الصحية في البحرين.
- ساهم في إنشاء وحدة محمد المؤيد لإعادة التأهيل، التي تقدم دعما للشباب المتعافي من تعاطي المخدرات والكحول، ما يساهم في تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية.
- وقع اتفاقية مع وزارة الأشغال العامة والإسكان في العام 2018؛ للإشراف على بناء مركز التصلب اللويحي في مركز المحرق الطبي، بتمويل كامل من بنك البحرين الوطني، وبتكلفة تقدر بـ 1,7 مليون دينار، حينما كان رئيسا لمجلس إدارة البنك.
الحد من أوجه عدم المساواة
- كانت سياساته داخل الشركة تشجع على توظيف المواطنين من مختلف التخصصات، وتوفير فرص متساوية للجميع، بمن فيهم ذوو الإعاقة.
- دعم أيضا مبادرات تخص تمكين المرأة ومشاركتها في مواقع القرار داخل القطاع الخاص.
- ساهم في بناء وتجهيز المنازل للأسر المتعففة ذات الدخل المحدود؛ بهدف تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير بيئة سكنية ملائمة، وهذا يؤكد التزام المؤيد العميق بالمسؤولية الاجتماعية، وكيفية دمج العمل التجاري مع خدمة المجتمع.
مساهمات مناخية وبيئية
- شجع المؤيد على استخدام الممارسات البيئية المستدامة داخل شركاته، مثل تقليل الهدر، إعادة التدوير، وترشيد الطاقة، حيث قدم الدعم لجمعية حفظ النعمة، التي تهدف إلى الحد من هدر الطعام وإعادة استخدام الأغذية العضوية في الأسمدة الزراعية.
- قدم الدعم لحملات بيئية مجتمعية موجهة للمدارس والبلديات؛ إيمانا بأن الحفاظ على البيئة واجب وطني وإنساني، حيث حرص على مساهمة شركة يوسف خليل المؤيد وأولاده في المشاركة بحملة تنظيف السواحل ضمن اليوم العالمي للتنظيف؛ لتعزيز الوعي البيئي بين أفراد المجتمع.
- ساهم في زراعة الأشجار في ممشى سترة ضمن جهوده في الحفاظ على البيئة.
- التبرع لمؤسسة «نعم نستطيع» بأكثر من 3 آلاف نبتة صبار وزراعتها في أوعية بلاستيكية معاد استخدامها.
شراكات لتحقيق الأهداف
- سعى المؤيد دائما إلى إقامة شراكات مع القطاع العام والمجتمع المدني لتنفيذ مشروعات ذات أثر مستدام.
- قدم الدعم لمنتديات وجمعيات تجارية ومهنية تعزز من دور القطاع الخاص في دعم أجندة التنمية الوطنية.
- حرص من خلال رئاسته لمجلس إدارة بنك البحرين الوطني على تخصيص 5% من الأرباح السنوية لدعم برامج المسؤولية الاجتماعية، بما في ذلك الصحة والتعليم والبيئة، مقدما الدعم لـ 81 منظمة محلية خلال العام 2023.
أبرز الإنجازات بفترة رئاسته الفخرية لجمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
- جائـزة فاروق المؤيـــــد لأفضـــــل مشــــروع ناشـــــــئ: في فبراير 2021، أطلقت الجمعيــــة «جائزة فاروق المؤيــــــد» لدعم رواد الأعمــــــال الشبــــاب في البحريـــــــن. وتمنح الجائزة سنويا بقيمة 5,000 دينار لصاحــــب أفضـــــل فكرة مشروع من خريجي معهد البحرين للتدريب على ريادة الأعمال. كما تخصص جوائز أخرى لأصحاب المركزين الثاني والثالث، وتشمل توفير مقر مكتبي لمشروعاتهم لمدة عام واحد في حاضنات الجمعية.
- حاضنة «ألواني» لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: في فبراير 2018، تم افتتاح حاضنة «ألواني» لدعم المؤسســــات الصغيرة والمتوسطـــــة ورواد الأعمـــال البحرينيين. تتسع الحاضنة لـ99 شركة ناشئة، وتوفر مساحات مكتبية خاصة ومشتركة، بالإضافة إلى قاعات اجتماعات مجهزة. وقد تم رفع الطاقة الاستيعابية للمركز بنسبة 300%؛ لتلبية الطلب المتزايد من رواد الأعمال.
- مؤتمر حاضنات ومسرعات الأعمال الخليجي السادس: في نوفمبر 2023، نظمت الجمعية «مؤتمر حاضنات ومسرعات الأعمال الخليجي السادس» بمشاركة 24 متحدثا و300 رائد عمل من دول مجلس التعاون الخليجي. تمحور المؤتمر حول قضايا حاسمة تتعلق بمستقبل قطاع الحاضنات وريادة الأعمال في الخليج، مثل تمويل المشروعات الصغيرة ونقص السيولة والابتكار والتطوير. وتظهر هذه المبادرات التزام فاروق المؤيد بتعزيز دور القطاع الخاص في دعم ريادة الأعمال وتنمية الاقتصاد الوطني، ما جعل جمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نموذجا يحتذى به في المسؤولية الاجتماعية.
دعم الثقافة والتراث الوطني
كان لفاروق المؤيد دور بارز ومؤثر في دعم الثقافة البحرينية والحفاظ على التراث الوطني، إذ أدرك مبكرا أن الهوية الوطنية والثقافية تشكل الركيزة الأساس لبناء مجتمع متماسك ومتطور. وقد تجلى هذا الدور في التزامه بدعم المؤسسات الثقافية، وتشجيع المبادرات التي تعزز الوعي بالتراث والتاريخ البحريني، إلى جانب تمويل الأنشطة الثقافية والتعليمية ذات البعد الحضاري.
رعاية أمسية «تحية الأصدقاء» وتدشين كتاب «صانع البهجة» (سبتمبر 2023)
تحت رعايته الشخصية، تم تنظيم أمسية «تحية الأصدقاء» للفنان الراحل علي الغرير، وتدشين كتاب «صانع البهجة» في نادي مدينة عيسى. وقد كتب في الكتيب المرافق: «ما إن اطلعت على نية مجلس إدارة نادي مدينة عيسى تقديم تحية لفقيدنا الغالي علي الغرير... حتى شعرت بأن رعاية هذه الفعالية واجب”.
دعم الكتّاب البحرينيين
أشاد فاروق المؤيد بكتاب «البحرين تاريخ وإنجازات» للباحث عبدالكريم إسماعيل، معبرا عن اعتزازه بهذا العمل الذي يسلط الضوء على إنجازات البحرين بالفترة 1971-2021، وأشار إلى أن الكتاب يشكل وثيقة مهمة لتاريخ البحرين المعاصر.
دعم المؤسسات التعليمية
ترأس مجلس أمناء مدرسة ابن خلدون الوطنية منذ العام 1979، وأسهم في تأسيس الجامعة الأهلية، ما ساهم في رفع مستوى التعليم العالي في البحرين وتعزيز الثقافة الوطنية بين الأجيال الشابة.
دعم متاحف ومراكز تاريخية
شارك في دعم بعض المبادرات الخاصة بالمتاحف والمراكز الثقافية، التي تهدف إلى توثيق وعرض التاريخ البحريني، خصوصا في مجالات الحرف التقليدية، والعمارة، والبحر، حيث كان فاروق المؤيد من الداعمين الرئيسين لمتحف البحرين الوطني، الذي يعد من أرقى المتاحف في منطقة الخليج، والذي يحتوي على مقتنيات تعكس تاريخ البحرين الممتد عبر أكثر من 6 آلاف سنة، بما في ذلك قاعات المدافن، دلمون، تايلوس، والإسلام، والعادات والتقاليد، والمهن والحرف التقليدية، والوثائق والمخطوطات.
دعم الحرف التقليدية والموروث الشعبي
ساهم المؤيد في دعم مركز الجسرة للحرف اليدوية، الذي يعد من أبرز المراكز في الخليج العربي، التي تهتم بالتراث واحتضان الآثار. ويهدف المركز إلى استقطاب فئة الشباب وتعريفهم بأساسيات الحرف وتاريخها، بالإضافة إلى تعزيز الصناعة السياحية في المملكة، من خلال جمع الصناعات والحرف اليدوية التي تمارس في قرى البحرين ومدنها في مكان واحد، ما يسهل على الزوار والسياح الاطلاع عليها.
تشجيع الفنون والمسرح
رعى بعض المبادرات الفنية مثل عروض المسرح المحلي، ومعارض الفنون التشكيلية، وكان يؤمن بأن الفن مرآة للهوية الوطنية ووسيلة فعالة لتوثيق التراث، حيث كان فاروق المؤيد يولي اهتماما خاصا بالمسرح البحريني، عبر دعمه العديد من المهرجانات والفعاليات المسرحية التي تنظم في المملكة، كمهرجان أوال المسرحي الدولي، الذي يعد من أبرز المهرجانات المسرحية في البحرين، ما ساهم في تعزيز الحركة المسرحية في المملكة.
قدم المؤيد الدعم للمواهب البحرينية الشابة في مجالات الرسم، النحت، والموسيقى المرتبطة بالتراث، سواء عبر المنح أو تنظيم المسابقات، وعلى سبيل المثال مهرجان ربيع الثقافة، الذي يعد منصة مهمة لعرض الفنون والموسيقى البحرينية التقليدية.
ساهم في تنظيم معارض فنية تعرض أعمالا لفنانين بحرينيين ناشئين، بما يوفر منصة لعرض إبداعاتهم وتعزيز حضورهم في المشهد الفني المحلي والدولي، منها تنظيم معرض «ورق النخيل» ومعرض «الدفاتر الفنية» للفنان رافع الناصري، حيث تم عرض أعمال فنية لفنانين بحرينيين في متحف البحرين الوطني.
قدم الدعم للمبادرات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز الثقافة والفنون البحرينية، مثل دعم مؤسسة راشد بن خليفة للفنون، التي تعد منصة تفاعلية للإبداع والتعليم والتبادل الثقافي، وعبر هذه المنصة، يتم تمكين الفنانين والرياديين المحليين عبر فرص الإرشاد، والمعارض، والتدريب، وورش العمل، بما يساهم في خلق بيئة حاضنة للاقتصاد الإبداعي.
رعاية مهرجان التراث السنوي
كان الراحل من الداعمين الرئيسين لمهرجان التراث السنوي الذي تنظمه هيئة البحرين للثقافة والآثار. ويعد هذا المهرجان من أبرز الفعاليات التي تحيي ذاكرة الحرف التقليدية البحرينية، حيث يلقي الضوء على جوانب مختلفة من إرث البحرين الحضاري عبر أنشطة متنوعة، من أبرزها العروض المباشرة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي اشتهرت بها المملكة.
المشاركة في إحياء المناسبات الوطنية
كان فاروق المؤيد من رواد رعاية الفعاليات الوطنية التي تعبر عن الهوية البحرينية، مثل الأعياد الوطنية، ومناسبات الاستقلال، ومهرجانات القرى التقليدية.
المساهمة في الحفاظ على الموروث الشعبي
أولى المؤيد اهتماما خاصا بالحفاظ على الموروث الشعبي البحريني، عبر دعم المشروعات والمبادرات التي تهدف إلى توثيق التراث الشعبي ونقله للأجيال القادمة. كما ساهم في إنشاء أرشيفات ومكتبات تحتوي على مواد تراثية، ما ساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية البحرينية.
تشجيع الحرفيين المحليين
شجع المؤيد الحرفيين المحليين عبر توفير الدعم المالي والمعنوي لهم، ما ساعدهم على تطوير مهاراتهم والحفاظ على حرفهم التقليدية. كما كان يشجعهم على المشاركة في المعارض والفعاليات المحلية والدولية، ما ساهم في تسليط الضوء على الحرف البحرينية وتعزيز مكانتها.
إدارة العمل الخيري المؤسسي
تعد إدارة العمل الخيري المؤسسي من أبرز ملامح النضج في منظومة المسؤولية الاجتماعية، حيث يتحول العمل الخيري من مجرد تبرعات متفرقة إلى ممارسة استراتيجية منضبطة، تقوم على التخطيط، والحوكمة، والشفافية، وقياس الأثر، وقد أولى فاروق المؤيد أهمية كبيرة لهذا الجانب، عبر تبنيه نهجا مؤسسيا في تقديم الدعم المجتمعي، يعزز من استدامة العطاء ويحقق قيمة مضافة للمجتمع.
أصبح المؤيد نموذجا في التحول من العمل الخيري التقليدي إلى العمل الخيري المؤسسي، حيث ربط بين قيم العطاء ومبادئ الإدارة الرشيدة، وجعل من العمل الخيري امتدادا طبيعيا لنجاحه الاقتصادي. وكانت رؤيته تقوم على أن العطاء المؤسسي أكثر تأثيرا واستدامة من المبادرات الفردية، وأن الشركات الرائدة يجب أن تكون ضمن الشركاء التنمويين الحقيقيين في المجتمع.
وأسس ضمن مجموعة «يوسف خليل المؤيد وأولاده” وحدة متخصصة للمسؤولية الاجتماعية، تتولى دراسة احتياجات المجتمع، وتخطيط المبادرات، ومتابعة التنفيذ، حيث قرر المرحوم فاروق المؤيد منذ العام 1972 تخصيص 2.5% من أرباح شركة يوسف خليل المؤيد وأولاده للأعمال الخيرية، وهو نهج استمر عليه الأبناء بعده.
كما قرر تخصيص 5% من أرباح بنك البحرين الوطني، حينما كان رئيسا لمجلس الإدارة، لصالح الأعمال الخيرية، ما يعادل نحو 50 مليون دينار بحريني على مدار السنوات، شملت مشروعات صحية وتعليمية.
التركيز على الشراكات المؤسسية
لم يقتصر دعمه على تقديم المساعدات المباشرة، بل بنى شراكات استراتيجية مع مؤسسات أهلية وتعليمية وصحية، مثل التعاون مع مراكز ذوي الإعاقة، ودعم برامج جمعيات تنموية معترف بها، ورعاية مبادرات تطوعية شبابية عن طريق جهات رسمية.
حرص الراحل المؤيد على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال رئاسته الفخرية لجمعية البحرين لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، عبر توفير التسهيلات والإرشاد، ما ساهم في تعزيز ريادة الأعمال في المملكة.
كما ساهم في تطوير التعليم العالي في البحرين حينما شغل منصب رئيس مجلس إدارة الجامعة الأهلية، عبر دعم الجامعة وتوسيع برامجها الأكاديمية. وساهم أيضا في تطوير قطاع التجارة والتجزئة في البحرين عبر مجمع البحرين للأسواق الحرة، حينما شغل منصب رئيس مجلس الإدارة، الذي يعد من أبرز وجهات التسوق في مملكة البحرين.