- صحيفة “البلاد” غرست بذرة ستكون قدوة للمؤسسات الإعلامية الخليجية والعربية
- البحرين فتحت المجال للشركات ضمن توجه استراتيجي لمساندة عمل الحكومة
- في زيارة سمو الشيخ ناصر لمصفاة البحرين قال: تبنون أكبر مشروع ومعه يجب أن نبني الإنسان البحريني
- بتوجيهات سموه استقطبنا أكثر من 500 شاب وشابة من المهندسين البحرينيين
- “درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية” من المبادرات الرائدة لخلق المنافسة بين الشركات
هي شرفة متوقدة وملهمة تلك التي فتحها الحائز على ميدالية التميز لشخصية العام للمسؤولية الاجتماعية للشركات 2024، ضيفنا الكريم د. عبدالرحمن عبدالحسين جواهري، في لقاء أضاء فيه الكثير من المحطات،
بإيجاز ولكن بعمق.. كيف؟
لنترك الإجابة لـ د. جواهري الذي عبر بالقول: ”في الحقيقة، لقد آمنت منذ بداية مسيرتي العملية في شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات، والآن في شركة بابكو للتكرير، بأهمية خدمة المجتمع، خصوصا في ظل النجاحات الكبيرة التي تشهدها هذه الشركات، لذلك أقول دائمًا إن القيادة ترسم الاستراتيجيات، ثم على التنفيذيين تحويل هذه الرؤى والاستراتيجيات إلى عمل منجز على أرض الواقع، وها نحن نرى أن قيادة البلاد حفظها الله والحكومة فتحت المجال لانخراط الشركات في مساندة عمل الحكومة وخدمة المجتمع البحريني، فلا ينبغي أن يكون المستفيد من نجاحاتك هي مؤسستك فقط، وسيبقى هذا النجاح محدودًا في هذه الحالة”.
المسؤولية.. الاستدامة: منظور واسع
هذا المدخل رائع حقا، لكن كيف نخرج من “محدودية” هذا النجاح كما وصفت؟
من تجربتي في 40 عاما بقطاع الصناعة، أرى أن المسؤولية الاجتماعية منظور واسع جدا، وهنا تصبح مشروعات الاستدامة ذات محيط واسع أيضا حال تنفيذها ودليل على النجاح كذلك، إلا أنه يلزم تجنب التركيز على جوانب الدعم المادي فقط؛ لأن خدمة المجتمع لا تقتصر على تقديم هذا الدعم، ولكن الأهم هو الارتقاء بالإنسان البحريني عبر تدريبه وتأهيله وإعطائه الفرص، واحتضانه في الشركات بفترة الصيف على سبيل المثال؛ لكي يستفيد من التجارب العملية، وحين يعود إلى جامعته يستطيع الربط بين الدراسات الأكاديمية وبين العمل الحقيقي في هذه الشركات. الشركات الناجحة تفتح أبوابها للتدريب، ولدينا في شركة بابكو هذا العام أكثر من 300 طالب يتدربون في موسم الصيف.
علاوة على ذلك، فإن خدمة المجتمع والمسؤولية الاجتماعية هي كذلك من العناوين الكبيرة، وفي مساره تستطيع الاستفادة في كثير من المجالات، وأضرب لك مثالا من البرامج الممتازة، وهي مبادرة “إنجاز البحرين” تحت قيادة سمو الشيخة حصة بنت خليفة آل خليفة، فهذه المؤسسة تمكنت من تدريب أكثر من 700 ألف طالب من الصف الأول الابتدائي إلى الجامعة بالسنوات الماضية.
توجيهات سمو الشيخ ناصر
إذًا، لنتحدث عن ترجمة هذه الرؤية في “بابكو”؟
من المهم الإشارة إلى أن العمل مع المؤسسات الخيرية والتطوعية التي تخدم المجتمع يتطلب تقديم الدعم المالي والمعنوي، لكن أضف إلى ذلك توفير العنصر البشري الذي يتمتع بالخبرة والكفاءة لنقل مهاراته إلى أبنائنا الطلبة، وتحت مظلة خدمة المجتمع هناك الكثير من التفريعات والمجالات التي توجب تكاتف الشركات لتعمل وتخصص جزءا من وقتها ومالها لدعم برامج الحكومة.
وفي الحقيقة، تضع الحكومة الموقرة الكثير من الإمكانات والبنية التحتية لهذه الشركات، ولله الحمد نرى الشركات في بلادنا تستفيد من من القوانين والالتزامات الحكومية لإنجاح الاقتصاد الوطني، ولهذا من واجب هذه الشركات تخصيص جزء من أرباحها وعناصرها البشرية لخدمة المجتمع، فأنت حين ترتقي بالمجتمع فهذا يعني أنك ترتقي بعملك وترتقي بأداء موظفيك، وترتقي بالتالي في ربحيتك، وهذا ما حصدناه في شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات، التي كان لي الشرف لأن أعمل بها طيلة 40 عاما، والآن في شركة بابكو للتكرير، وتوجيه ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب ورئيس مجلس إدارة شركة “بابكو انرجيز” سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة واهتمامه، ففي أول زيارة لمصفاة البحرين حيث ننشئ أكبر مشروع في تاريخ بلادنا بأكثر من 7 مليارات دولار استثمار، إلا أن اهتمام سموه جاء بالدرجة الأولى بالعنصر البحريني وخدمة مجتمعنا، فسموه قال: صحيح أنكم تبنون أكبر مشروع، ولكن مع هذا المشروع يجب أن نبني الإنسان البحريني.
350 ألف ساعة عمل
هل توجيهات سمو الشيخ ناصر ركزت على مجالات نوعية محددة؟
وظفنا بتوجيهات سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة أكثر من 500 شاب وشابة من المهندسين البحرينيين، هم اليوم في مواقع عملهم بالشركة، وأشير إلى أن جزءا من عملهم هو “خدمة المجتمع”، فكل موظف في شركة بابكو للتكرير يجب أن يقضي نحو 12 إلى 15 ساعة في السنة لخدمة المجتمع، وتخيل أن لدينا 3 آلاف موظف، كل موظف يلزم أن يخدم مجتمعه فهذا يعني أننا نقدم أكثر من 350 ألف ساعة عمل في العام لخدمة المجتمع على مستويات مختلفة في البيئة والتعليم والتأهيل وخدمة ذوي الهمم الرياضة وغيرها من المجالات.
بالتالي، فإن من أسس نجاح الشركة هو جعل “خدمة المجتمع” كأداة لتدريب وتأهيل موظفينا في نفس الوقت، وهذا مجال كبير جدا، وأتمنى من المؤسسات الأخرى أن تحذو حذو الشركات الناجحة، والشركات في بلادنا كألبا، البتروكيماويات، بناغاز، طيران الخليج، والكثير من الشركات والمصارف تقدم برامج لخدمة المجتمع، ومع ذلك نحتاج إلى تعزيز ثقافة الاستدامة.
يؤسفني هذا الأمر
ترى، ما الذي تتمناه من الإدارات التنفيذية في الشركات والمؤسسات العاملة في بلادنا لتحقيق استدامة المسؤولية الاجتماعية؟
يؤسفني القول إنه ليس الكثير من التنفيذيين يؤمنون بخدمة المجتمع، فالبعض يديرون مؤسسات ناجحة، لكنهم يفكرون فقط في مؤسساتهم، ومن خبرتي على مدى 40 عاما، وما عهدناه من نهج قيادة البلاد، أقول للتنفيذيين إن من واجبكم بل من أسس نجاح مؤسساتكم أن يكون لكم مساهمة في خدمة الوطن، والدولة وفرت البنية التحتية والخدمات ومن الواجب الوطني المساهمة في تنمية المجتمع.
ولعلي أشير إلى جانب مهم، وهو أن أرقى وأعرق الجامعات في العالم اليوم مثل: هارفارد، ستانفورد، لندن سكول أو أيكونميكس، امبريال كوليج، أنجزت دراسات علمية تثبت أن الشركات التي لها استدامة في النجاح وتبقى في القمة هي الشركات التي لها ربحية واستدامة في الربحية وتوزيعها على المساهمين، لكن لها دور مجتمعي كبير جدا، وأتمنى من الشركات الوطنية الخليجية والعربية أن تستفيد من هذه الدراسات؛ لأن دور “التنفيذي” ليس فقط العمل لإنجاح شركته، بل جزء من النجاح هو خلق سمعة طيبة في المجتمع الذي يعملون فيه.
“البلاد” وضعت البذرة
هذه الرحلة القصيرة جميلة معكم، وفي ختامها، كيف ترون مبادرة “درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية”؟
أقول بكل صراحة، أنتم في مؤسسة “البلاد” الإعلامية وضعتم البذرة التي تستفيد منها الكثير من المؤسسات، فالشركات وعملها دون إبراز الجهود والإنجازات عن طريق الصحف إلى المجتمع له أهميته، فأنتم المرآة لإظهار هذا العمل الذي تقوم به الشركات للمجتمع، وأهنئكم على هذه المبادرة، وقد أبدعتم ووضعتم بذرة سوف يستفيد منها - ليس فقط المجتمع البحريني - فأنا متأكد من أن الصحف والمؤسسات الإعلامية الخليجية والعربية ترصد النجاحات عبر هذه المبادرات.
ونحن نرى كيف أن الصحف ووسائل الإعلام اليوم، لم يعد دورها تقليديا كما كان في الخمسينات والستينات والسبعينات.. تغير الوضع، فدورها اليوم ليس فقط في نقل الأخبار أو التعليق عليها بل لها دور مجتمعي كبير جدا، وأرى أن “البلاد” نجحت وأبدعت في خلق هذه المبادرة وبعون الله ستجنون ثمار هذه الجهود في السنوات المقبلة، ولا يفوتني أن أهنئكم على حصولهم على جائزة رئيس مجلس الوزراء للصحافة، والتي كان للبلاد نصيب كبير، وهذا دليل على أن البلاد ترسم استراتيجية جديدة غير تقليدية بمبادرات خارج الصندوق، ومبادرة درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية من المبادرات الرائدة لخلق المنافسة بين الشركات من مؤسسة إعلامية محترمة، والتقييم على أعلى المستويات، فبالتالي، وخلال الخمس أو العشر سنوات المقبلة ستتبنى العديد من المؤسسات - ليس فقط في البحرين بل في الخليج العربي والوطن العربي - مثل هذه المبادرات، وسيحذون حذو البلاد لتكريم المؤسسات والأشخاص الذين لهم دور في خدمة المجتمع.